بعد الانخفاض التاريخي لليورو لأول مرة منذ 20 عاما.. ما تأثيره على المنطقة؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهد سعر اليورو انخفاضًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، بنسبة تصل إلى 12% تقريباً هذا العام، ليصبح أقل من سعر الدولار للمرة الأولى منذ 20 عاما؛ حيث يؤثر انخفاض  اليورو بالتوقعات بقائمة الاقتصاد الأوروبي ومن المحتمل أن ينقطع امتداد الخط الغاز الروسي بالكامل لحين تحسين سعر اليورو والذي لم يتحسن من ديسمبر 2022 ،وتسببت الحرب في أوكرانيا في أزمة طاقة مما انتقلت ألمانيا إلى المرحلة الثانية من خطة طارئة للغاز من ثلاثة مستويات، وحذرت من ركود إذا توقفت تدفقات الغاز الروسي.

وفي هذا الإطار ترصد «بوابة أخبار اليوم» كواليس أزمة اليورو في القطاع المصرفي في العالم، وتأثيره على الاقتصاد المصري والاقتصاديات العربية، من خلال خبراء المال والمتخصصين في المجال المصرفي.

في البداية، قال الدكتور عادل عامر مدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، إن المصارف العربية تحرص على الاحتفاظ باحتياطيات نقدية أخرى تتمتع بثقة عالمية ومعتمدة من قبل بلدان صناعية متقدمة تنافس الاحتياطيات الدولارية، بغية العيش مع نظام نقدي عالمي متوازن وتنتمي فيه النقود الدولية إلى اقتصادات متوازنة.

وأضاف عامر أن تحمل القطاع المصرفي الأوروبي بين 8، 10 مليار يورو أي ما يعادل 10 إلى 13 مليار دولار بعد اتمام الوحدة النقدية، حيث إن إلغاء العملات الوطنية يؤدي الى استنزاف الكثير من إيرادات المصارف، ويهدم الحواجز التي تحمي أسواقها، لأن الايرادات المتاتية من خدمات التعامل بالعملات الأوروبية والمدفوعات العابرة؛ حيث لن يكون هناك حاجة لمثل هذه الخدمات بعد للحدود، وتحويل التجارة سوف تتناقص جذريا التحول للعملة الموحدة.

ويمكن تلخيص أهم انعكاسات اليورو على القطاع المصرفي الأوروبي:
‌1_تخلق العملة الأوروبية احتدام المنافسة المصرفية من ناحية استقطاب الخدمات والتنسيق العالي فيما بينها، وفتح واستحداث مراكز وفروع مصرفية جديدة داخل الاتحاد الأوروبي للاستفادة من مفهوم المعاملة بالمثل. 


‌2_أن شدة المنافسة بين المصارف انعكس على انخفاض مستوى ربحية تلك المصارف نتيجة انخفاض تكاليف الخدمات المصرفية، وتقليص الفروق في نسب العمولة بين مصارف الدول الأعضاء.
‌3-دعم سوق الأسهم في الدول الأعضاء بشكل يعمل على اعادة تخصيصات الدول في المحفظة الدولية، من أجل تحقيق وزن أكبر في السوق العالمية.


4- على المؤسسات المصرفية المتوسطة أن المنافسة العالية بين المصارف انعكست سلبا والصغيرة.
5- ازدياد حركة انتقال رؤوس الأموال لاستكمال عمليات تحرير كافة المعاملات المالية، بما في ذلك حرية انتقال الأموال السائلة والتحويلات المصرفية.


‌6- ازدياد عمليات التوسع والاندماج المصرفي، بهدف دعم موقفها التنافسي في السوق الموحدة مثلما فعلت المصارف الإسبانية إن تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية يتركز عبر قنوات التجارة الخارجية والاستثمارات وينعكس على الاحتياطيات من العملات الأجنبية وعلى عملة الربط للعملات الوطنية. 

وتابع"عامر": على مستوى التجارة الخارجية يشكل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول والأهم بالنسبة للدول العربية خاصة، وأن الجزء الأكبر من الصادرات العربية توجه للاتحاد الأوروبي، وكذلك القسم الأعظم من الواردات العربية تأتي منه، ويكفي أن نشير إلى أن حجم التجارة العربية غير النفطية مع أوروبا يزيد عن (100 مليار دولار) عام 2005، في حين لا يتعدى ( 60 مليار دولار) مع أمريكا في العام نفسه، هذا الحجم مؤهل للزيادة؛ نظرا للاهتمام الكبير الذي يوليه الاتحاد الأوروبي للمنطقة العربية، نتيجة التنافس بينه وبين أمريكا للاستحواذ على أسواقها. فدول الخليج تحظى بأهمية كبيرة لدى الاتحاد الأوروبي في ضوء ما تتمتع به من أهمية اقتصادية واستراتيجية؛ حيث تمثل منطقة الخليج مركز الثقل النفطي العالمي بإنتاجها ما يقارب 15 مليون برميل يوميا من أصل 70 مليون برميل على المستوى العالمي، زيادة على امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم وصل إلى  700 مليار برميل عام 2003 أي ما يعادل نسبة  66 %من إجمالي الاحتياطي العالمي.

وتحتل دول الخليج موقعا جغرافيا استراتيجيا يوفر لها خاصية تجارية متميزة بسوقها الواسعة المستقبلة للمنتجات الأوروبية حيث يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لدول الخليج بقيمة مبادلات تجارية إجمالية وصلت إلى نحو "50 مليار يورو" لعام 2001 ، لافتا وهو ما يعادل  50 %من حجم تجارة الاتحاد الأوروبي مع العالم العربي.

كما يعد الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مستورد للمنتجات الخليجية بعد اليابان بقيمة  17 (مليار دولار عام 2001 أي ما يعادل 9 %من إجمالي الصادرات الخليجية، تمثل الصادرات النفطية منها حوالي.28، 65 %، وهو ما يعادل 23 %من إجمالي الواردات النفطية للاتحاد الأوروبي مع الاتحاد الأوروبي  وقد تكرست أما منطقة المغرب العربي، فهي أكثر تعاملا أكثر فأكثر من خلال اتفاقيات الشراكة الأورو متوسطية التي وقعتها كل الدول المغربية ما عدا ليبيا التي تسعى لتوقيعها. 

وأكد أن تأثير اليورو على الاقتصادات العربية لا يقتصر على مجال التجارة الخارجية فقط، بل يتعداه إلى المصارف وحركة رؤوس الأموال والعمالة والاستثمار والنمو الاقتصادي وغيرها في القطاع المصرفي العربي أكثر عرضة للتأثر بأي تطور في عملة الاتحاد الأوروبي "اليورو"، نظرا للتواجد المصرفي العربي والذي وصل إلى ما يزيد عن 125 مصرفا عربيا منها 80 مصرفا في لندن وحدها. هذه المصارف ستتأثر باستخدام اليورو، ويتوقع تقليص شبكة المصارف المراسلة، وحدوث انخفاض كبير في إيراداتها، ومواجهة منافسة شديدة في مجال نشاطها، وعدم تحمل تكاليف التكنولوجيا اللازمة للتعامل مع المستجدات التي تنجم عن استخدام اليورو، وكذلك الحال بالنسبة للبنوك المركزية داخل البلاد العربية التي تتحمل تكاليف تسوية المعاملات البينية للدول العربية، وبينها وبين مراسليها الأوروبيين.

ومما يؤثر على نصيب الدول العربية الأخرى المستقبلة لرؤوس الأموال العربية ومصر والسودان وسوريا والأردن وتونس ولبنان، زيادة على التراجع المتوقع في حركة رؤوس الأموال الأوروبية باتجاه البلاد العربية، وذلك بسبب المزايا التي يحققها اليورو للاستثمارات الأوروبية داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك التراجع المتوقع في القروض والمنح والمساعدات التي تقدم للدول العربية وتوجيهها إلى بلدان أوروبية أعضاء في الاتحاد إذا صادفتها مشاكل اقتصادية حتى لا تمتد آثارها إلى بقية الدول الأعضاء في الاتحاد وبالتالي على استقرار اليورو.

واختتم حديثه مؤكدًا على أن تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية قد يتسرب من خلال أسعار الفائدة لرؤوس الأموال الأوروبية، فكلما هبطت هذه الأسعار انخفضت قيمة خدمة الديون الخارجية التي تثقل كاهل الدول العربية، ويتوقف هذا التأثير على حجم القروض الخارجية المقومة باليورو، موضحا أنه كلما كانت نسبة الديون باليورو أكثر كلما كان انخفاض في قيمة خدمة هذه الديون في حالة انخفاض أسعار الفائدة.

اقرا أيضأ :ارتفاع معدلات التضخم تهوي باليورو والدولار